السارق

يتسلل نحو منزلها صباح كل يوم. يختبئ وراء جدار الشرفة ويسترق السمع.

ينتظرها لتخرج. يدخل منزلها الفارغ الا من عطرها. يتجول في غُرف المنزل خلسة. يمر بيده على كوبها المنسي في غرفة الجلوس. يرتشف ما تبقى من أفكارها الضائعة.

يحتل مطبخها، يرتّب سلة فاكهة مليئة بتجاعيد إهمالها. يصل الى غرفة نومها. يدخل بثقة رجل البيت. يلتقط قميص نومها المتهالك على حافة السرير. يهمس لعطرها المتمسك بالثوب بهمسات مبهمة.

يستلقي على السرير. يستدير بنظره الى جانب السرير ويبتسم. لو تتحقق هذه الأمنية. لو يستيقظ يوماً الى جانبها ويبتسم لها. يغفو بانسياب بين ثنايا أحلامها المتهالكة على الوسادة.

تشد الشمس رحالها نحو المغيب. تضع مفتاحها في الباب وتدخل. تشمُّ رائحة غريب تحتل المكان. تجول في منزلها بحذر سارقٍ مذعور. تدخل غرفة نومها بهدوء. قميص نومها ينتظرها حيث رمته. وسادتها تعدّ تجاعيد القماش بانتظار عودتها. تتنفس بخجل وتبتسم. من قد يأتي اليها وهي في عالمها وحيدة.

تخلع ثياب اليوم بإهمال. تملأ قميص النوم بجسدها النحيل. تنساب على سريرها كقطعة هربت منه لتعود بحنين. تلتقط أفكارها السعيدة الهائمة فوق وسادتها. تسألها عن سبب وجودها وهي لا تملك اي أسباب للسعادة. من حيرتها تهرب وتغفو.

يخرج هو من خزانتها. يعدُّ الخطوات نحو شعرها المتأرجح على حافة نومها. يقترب بصمت. ينتظر بريق الدمع ليسطع من عينيها النائمتين. يمد يده نحو وجهها، يقطف الدموع من وجنتيها كمن يقطف ثمار الجنائن المتهالكة ويزرعها بمهارة مزارع في مقلتيه.

لن تعرف الفتاة الحزينة سبب سعادتها. لن تعرف ان هناك سارق يزورها كل يوم. سارق يسرق الحزن من قلبها والدمع من عينيها لتنعم هي بسعادةٍ فارغة ويذوب هو في شقاءِ عاشق.

رأيان حول “السارق”

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s