نفسي ونسياني

نسيت نفسي، ذات يوم، عند حائطٍ مهجور. نسيت ظلّي شامخاً تحت عنفوان شمسٍ ساطعة. ومضيت في طريقي بحثاً عن نفسٍ أُخرى.
لم أكن أعرف انني تائهٌ الى غيرِ رجعة. لم أكن أعرف انني سأمضي في بحثي ولن أجد ضالّتي.
ما سمعتُ يوماً عن أحدٍ أضاع نفسه ووجدها بعدها.
وفي غمرة يأسي وجدت سنيناً هائمة. تبحثُ عن من أضاع عمره ووقعت منه سنينه ساعة غفلة. وجدت سعادةً تنتظرُ حزينها في موعده المتأخر. ووجدت دمعة فرحٍ تترقّبُ وجهاً باسماً لا بدّ ان يأتي.
كلٌ ينتظر، والكلُّ لا متى يحين موعده. وموعدي مع نفسي لم يُحدد بعد. وبتُّ الآن بانتظار موعدي لأبحث عن نفسي.
عُدتُ إلى منزلي صامتاً. تصفّحتُ كتاباتي ممازحاً. وجدتُها حزينة، تبحث عني وتأمل أن أضيف سعادةً متواضعة ولو في جملة قصيرة.
حزينةٌ كتاباتي. لا تعرفُ أن السعادة لا مكان لها بين حروفي ولا متّسع لها بين كلمات أحزاني. غبيةٌ كتاباتي. تعتقد أنني سأصغي لها، وأبدأ الكتابة من جديد. وضيعةٌ كتاباتي. نغمُها رتيب وجوّها كئيب.
ركلتُ قلمي وبحثتُ عن ريشةٍ أرسمُ بها. فإذا بي أجدُها صلبة، جافّة وتخاف أن تتكسر بلقاء الألوان. غضبتُ ورميتها هي أيضاً.
ما بالُ هذا النهار؟ واضحٌ في كل تفاصيله.
ما بالي انا اليوم؟ أرى كل شيءٍ بوضوحٍ ونقاء.
لا بدّ ان حياتي سئمتْ منّي ومن قنوطي. لا بد انها ستهجرني. عليَّ أن أفعلَ شيئاً وأمنعها. لا بدّ ان اجد للسعادة مكان. لا بدّ ان أُدخلَ السرور الى قلبِ كل ما ومن في حياتي وإلا ستصبح صبغتي الدائمة ككتاباتي.

رأيان حول “نفسي ونسياني”

أضف تعليق