فنجان ونسيان

لم أعد أذكر من يقطن ذاك البيت. نسيت عدد زياراتي المتكررة الى الناصية المواجِهة ونسيت سبب احتمالي للطريق العفنة، المجاورة لذاك البيت. أذكرُ خيالات لمحتها في مضى خلف احدى النوافذ. وأذكر موسيقى تراقصت أصداؤها في أرجاء إحدى ردهاته. ولكن، نسيت من يقطن ذاك البيت. نسيت أسبابي ونسيت نفسي هناك، عند عتبته. نسيت رصانتي واعتدال أفكاري خلف نوافذه. وبقيتُ أنا، أنا. وهم يسرح في الطرقات، يبحث عن بيتٍ جديد. يبحثُ عن بيتٍ يستضيف سكّاناً جدد. وبقيتُ أنا، نفسه الذي كان يعشق نافذةً وإطلالة. بقيتُ أنا، نفسه الذي لهث خلف إزاحة ستارة. ونسيت.

نسيت ما يربطني بكل شيء. نسيت ما يُنفرني من كل شيء. ونسيت أصل مشاعري وبعض أجزاء كياني. 

تغيّرتْ. تغيّرتُ وتاهت منّي طريق العودة. تغيّرت وضاعت بوصلة قلمي وكلماتي. ثم تبدّلت، تحوّلت وتبدّدت. ليس من ضمن أمانيّ ما يخص العودة. ما زلتُ مهاجراً من نفسي وإلى نفسي. تمضي أيامي بين سوادٍ وسواد. وتضيع أحلامي بين وهم وسراب. 

فنجانُ قهوةٍ أنا. لذّتي ذابت بما طغت عليه مرارتي. قسوتي انغمست في “تفلٍ” حالك الطعم والطّبع. وكياني، كياني ضاع بما تبخّر من حرارة الإشتياق. 

فنجان قهوةٍ أنا. 

مرّ.

حزين.

لذيذ.

ثقيل.

سريع.

وصغير. 

4 رأي حول “فنجان ونسيان”

أضف تعليق