كل يوم أحملُ دفتري وقلمي آملًا أن أكتبَ شيئاً مفيدًا. أحياناً أفتحُ دفتري، أحملُ قلمي وأتأمّلُ الصفحة البيضاء لساعات متتالية. وأحياناً أُخرى، أرسم على صفحاتي البيضاء أحداثاً في خيالي لمجرّد التسلية. فقلمي لا يطاوعني في معظم الأحيان. قلمي لا يتبعني، بل أنا الذي يتبعه. حتى صفحاتي، لا تنصاع لأوامري، بل أنا رهنٌ لها ولأوامرها.
كل يوم أحملُ قلمي ودفتري آملًا أن أكتُبَ شعرًا. أنْظمُ الكلمات في رأسي، أُضيف إليها من الحزن نكهة، ومن الوجدان رشّة ولا أكتب. لستُ جديرًا، لا بالشعر ولا بالأدب.
أتظاهرُ كلّ يوم بأنني مرهفُ الإحساس، حزينٌ تثقلني هموم الدنيا. والحقيقة هي أن هموم هذه الدنيا أرهقتني وقتلتْ داخلي لتتركني جسدًا خالياً من الإحساس. تركتني جسدًا مليئاً بالحزن، أجوَفاً مكسورًا من الداخل قبل الخارج.
خرجتُ عن سيطرة نفسي، بتُ هائجاً غيرُ سوي، أصطنعُ الهدوء لاعتيادي عليه، أتشبّثُ بالرصانة وأنا فاقدها وأركلُ البُغضَ بعيدًا عني وأنا مشبعٌ به.
وها أنا أُكرّرُ نفسي كما هي عادتي وأقول سئمت. سئمتُ نفسي وحياتي، سئمتُ ضعفي وتخاذلي وسئمتُ نوبات الأمل التي تعصفُ بي ثم تستكين كما تستكين كل عاصفة عاتية بغيضة.
تستكين بي عاصفة الأمل وترحل، تاركةً فوضى اليأس والحياة وراءها.