رائحة الموت

يهزني صمتي العميق ويؤرقني ليلةً بعد ليلة. يحتلني أرقٌ رهيب ويمزقني شيئًا فشيئا. رائحة الموت تفوح من كل صوب. رائحة اليأس، رائحة الخذلان ورائحة الموت. كل أفكاري تنصب نحو الموت. لقد هَزَمنا الموت وأَذلّنا، نال منّا ومن عنفوانٍ نصّبناه تاريخًا لنا يومًا ما. 

روّاد الطرقات هائمون، نائمون يائسون. بعضهم يسبّ ويلعن بقهرٍ وغيظ. وبعضهم يدندن اغنية على مذياع ناقلته متناسيًا واقعه الأليم. والبعض الآخر يقود في صمت ويأس… وأنا. 

أنا أمضي في طريقي مصارعًا أفكاري، خوفي من الموت، خوفي من الحياة وخوفي من الغد. رائحة الموت تعبق في أنفي وأنفي يأبى أن يطيعني.

لم أرَ في حياتي كلها الموت أقرب مما أراه الآن. أحسبه ينتظرني في كل زاوية، بعد كل ركن وعند كل مفترق. حتى الطريق السالكة باتت تخيفني. 

أنا خائف. خائفٌ من كل شيء ومن كل شخص. الاثنان جماد على حدٍ سواء والموت تفوح رائحته من الاثنين. لم يعد لي من مهرب. ولم أعد أريد الهرب. أريد أن أنتهي. أريد أن أختفي. أريد أن أفقد حاسة الشم وأهرب. أريد أن أنسى رائحة الموت وأمضي، علّي اصطدم برائحةٍ جديدة لا تخيفني ولا تؤرقني ولا تبقيني صامتًا كل يوم بانتظار الموت.