رائحة الموت

يهزني صمتي العميق ويؤرقني ليلةً بعد ليلة. يحتلني أرقٌ رهيب ويمزقني شيئًا فشيئا. رائحة الموت تفوح من كل صوب. رائحة اليأس، رائحة الخذلان ورائحة الموت. كل أفكاري تنصب نحو الموت. لقد هَزَمنا الموت وأَذلّنا، نال منّا ومن عنفوانٍ نصّبناه تاريخًا لنا يومًا ما. 

روّاد الطرقات هائمون، نائمون يائسون. بعضهم يسبّ ويلعن بقهرٍ وغيظ. وبعضهم يدندن اغنية على مذياع ناقلته متناسيًا واقعه الأليم. والبعض الآخر يقود في صمت ويأس… وأنا. 

أنا أمضي في طريقي مصارعًا أفكاري، خوفي من الموت، خوفي من الحياة وخوفي من الغد. رائحة الموت تعبق في أنفي وأنفي يأبى أن يطيعني.

لم أرَ في حياتي كلها الموت أقرب مما أراه الآن. أحسبه ينتظرني في كل زاوية، بعد كل ركن وعند كل مفترق. حتى الطريق السالكة باتت تخيفني. 

أنا خائف. خائفٌ من كل شيء ومن كل شخص. الاثنان جماد على حدٍ سواء والموت تفوح رائحته من الاثنين. لم يعد لي من مهرب. ولم أعد أريد الهرب. أريد أن أنتهي. أريد أن أختفي. أريد أن أفقد حاسة الشم وأهرب. أريد أن أنسى رائحة الموت وأمضي، علّي اصطدم برائحةٍ جديدة لا تخيفني ولا تؤرقني ولا تبقيني صامتًا كل يوم بانتظار الموت. 

يا وطن

يا وطن وجّعتني يا وطن

فرّحتني وعيّشتني بحلم

وبنيت حياة مزروعة أمل

وبالآخر وجّعتني يا وطن

وطني انا فيك ربيت

كبرت ضحكت

وفيك ياما شقيت

عيلة وحب وحياة بنيت

غفلت عنك بيوم

وغير الدمع ما لقيت

وطني رجّع اللي راح

مشي العمر

ووجعي بعد ما راح

هموم هموم قتلتني

وكترت فيي الجراح

رجاع يا وطن رجّعني

ورجّع الفرح أفراح.

رغبة

تموت الرغبة في داخلي كل ليلة.

تتناقص روحي شيئًا فشيئًا فأغيب. أغيب في عالمٍ سوداويٍ بائس، لا مكان للحياة فيه. تموت الرغبة كل يوم، الرغبة في الحياة، في الابتسام والبحث عن البداية. بداية طفلٍ أسلم الروح بعد النفس الأوّل، وكذلك كل بداياتي. تُولدُ بداياتي لتموت فورًا، فحتى هي فقدت الرغبة في المضي قدُمًا.

أنا انسانٌ فارغ، لا مكان لي ولا أرض، أبحث عن وطن، أبحث عن أمل وأبحثُ عن زمنٍ ضاع وضاعت فيه نفسي. لن أجد شيئًا، أنا على يقين من هذا. لن أجد شيئًا ولا حتى صدى لضحكاتي التي ظننتها ستبقى. جتى ضحكاتي فقدت الرغبة في العودة.

الرغبة أصل الإرادة وأساس الحياة وأنا فاقدها وأنتظر النهاية عند عتبةٍ تتكسر عندها كل بداياتي.

بين الجفن والعين

بين الجفن والعين ترقد صور باهتة.

بين الجفن والعين تختبئ حياة تبحث عن معناها. 

بين الجفن والعين تتحضر صرخة للانطلاق.

صرخة ستعلو فوق كل الأصوات فتأخذ مداها.

بين الجفن والعين سواد وظلمة يحجبان الذكريات المنسية. 

ثائر

إن لم تعد شهيًا لها فارحل؛ انت لست طبقها المفضّل.

ان لم تعد قويًا لها فارحل؛ انت لست سندها الأفضل.

وإن لم تعد مطيعًا لها فارحل؛ انت لست تسليتها الأجمل.

توارى عن الأنظار فتبحث عنك لاهثة. أدر ظهرك لها وارحل. فهي ضعيفة من دونك، ومن بعدك لا يوجد من يرفعها.

سلطانتك هي وأنت سلطانها. سلطانها عليك وإليك امتدادها. ارحل بقوةٍ وبأس. اغدرها وانتفض عليها، أعلن الثورة والعصيان.

ستحاول غدرك واخضاعك. وانت سترفض، ستثور وتنتفض. إيّاك والتراجع. السلطة ماكرة وأنت أيّها الشعب طيّب، قلبك يلين.

ولكنك ثائر. تذكّر، ثائر، في كل الأماكن ثائر، في كل الظروف ثائر، في وطنك وعلى أرضك ثائر. ارحل من خنوعك وابسط نفسك محاسبًا وثائرًا.

انهض الآن أيها الثائر. موعد القطاف لم يحن بعد.

انهض الآن وانتفض، اعلنها ثورةً جديدة.

ثورة ألهمت الدنيا وأنجبت هذا الوطن.

غُربة – ٢

لا تكلّموني ولن أكلّمكم. 

لا تلقوا بالًا لي ولن أكترث لأمركم.

دعونا نفترق ونتخاصم ولا نعاود التواصل مجدّدًا. 

لا أنا أُحبّكم ولا يقنعني زيفُكم. 

إرحلوا، إرحموا وجودي وراحة بالي. 

دعوني ألتزم الصمتَ مع نفسي، وأذرفُ الدمع حزنًا وبلا سبب.

سئمتُ التظاهرَ بالفرح والتفاؤل. سئمت الصراع مع ابتسامتي الباهتة والتوسّل لها لتختار البقاء. 

سئمتُ نفسي ومكوّناتي وصوتي الخافت ووهن جسدي المتضائل.

اشتقتُ الى سوداويّتي وتخاذلي، ففيهما ملاذي وراحة بالي. 

راحةُ البال التي لا يجدُها إلّا من عاد إلى وطنه البائس رغم الظروف. 

سأعود إلى وطني، إلى حزني وليلي الحزين. 

أمنيتي بالاختفاء لم تفارقني، أمنيتي بالزوال شيئًا فشيئًا لم تعد أمنية، بل أصبحت رغبة، حاجة وضرورة مُلحّة. 

لعلّ الكون يحتضنني ويبعثر تفاصيلي في العدم. سأبقى في العدم ولن أعود. 

لن أعود لعالمٍ ترقص فيه الرأفة على مشاعري المنكسرة، ولا لعالم يفرضُ فيه الفرحُ نفسه عليّ وأنا فاقده. 

لا تحاولوا إقناعي بسعادتكم ولا تلقوا عليّ بحكمتكم الفارغة، فأنتم أصحاب أقوالٍ وأفعالكم ناقصة. 

لا تظنّوا أنّي بحاجةٍ لكم ولتعاطفكم الذي لن يزيل من وحدتي شيئًا، بل سيدفعني الى التعمّق والتوغّل بُعدًا. 

إرحلوا عني، إرحلوا عن هذا الكون ودعوني أكون. 

دعوني أكون وأُكوّن بُعدًا لا يوازي حياتكم ومحيطكم ولا يلتقي بخط سعيكم الى البقاء أبدًا.

دعوني أفترق عنكم ودعكم منّي فلستُ أنا منكم وحتمًا لستُ لكم.

*****

مطلوب عاصفة لبنانية للعمل بدوام كامل

من كم يوم كتبت على Twitter تغريدة عن العاصفة بتقول: “ حتى العاصفة قتلتوا فيها المعنى وصرتوا تسمّوها بأسامي. تبّاً للسخافة وقلّة العقل.” وطبعاً اجت العاصفة اللي كلنا ناطرينا واللي ٩٠٪ من الشعب اللبناني استعمل اسمها المستورد. وبعدها العاصفة وبعده اسمها المستورد ملزّق فيها. طيب، لهون ماشي الحال، بس السؤال انو ليه بدنا نسمّي العواصف بأسامي؟ طب ما والله من نحن وزغار منعرف انو العاصفة عاصفة، ومنهرب ومنتخبّى بالبيت لأنوا “ألعاصفة” جايي وصارت عالبواب.

لهيك، بحب وجّه رسالة لبعض الناس.

عزيزي شكري أنيس فاخوري، جرّب انو المسلسل الجايي اللي بدك تكتبوا يكون عنوانه حديث اكتر ومواكب التقدّم متل مثلاً “زينة تهب مرتين” او “نساء في نانسي”. لانوا نحن اللبنانيين ما منحب الأسامي على الموضة القديمة وما ومنحب التراث ولا أم مرعيدة.

عزيزتي أم مرعيدة، بدي اعتذر منك لانه انت ما بقا الك شغل عنّا. جربي تروحي على شي بلد اجنبي يمكن يكون بيعرف قيمتك اكتر منّا. نحن منحب الروسيات والأجانب وانت بلْدية ما بيطلعلك معنا شي واكيد اكيد ما بتربحي معنا شي.

عزيزاتي الروسيات، والله وصرتوا تجوا لعنّا بلا فيزا بلا بلوط. بتجوا بتعصفوا فينا وما حدا بيقدر يفتح تمّه بكلمة الا الناس اللي عم تنطر العواصف حتى يمشي سوق النكت عندها.

عزيزي النكتجي، يعطيك ألف ألف عافية على كل جهودك بالترفيه عن ابناء وطنك بهيك اجواء وخلال الزربة بالبيت. بكرا بس يخلصوا الأسامي بتنتقل للمرحلة التانية وبيصير فيك ساعتها تقتل الوحش وتربح معنا.

عزيزي وزير التربية، دخلك ليش ما كنت وزير لما انا كنت بالمدرسة؟ وين كنت انت؟ ليش ما كنت وزير لما انا كنت قوم الصبح مجلّد متل كتب المدرسة ومتلج متل فرّوج هوا تشيكن؟ والله جيلنا كان منيج وبيستاهل يقعد بالبيت ايام المدرسة والأمتحانات اللي ما كانت تعرف تخلص.

الخلاصة من الموضوع، انا ضد انو نسمي العواصف بأسامي. بعد باقيلنا هالشي اللي مكمّل معنا من زغرنا ومنحبّوا ومنشتقلوا كل سنة. خدوا زينة وعطوني أم مرعيدة. خدوا نانسي واعطوني كلساتي الصوف. خدوا أليكسا وعطوني كستنا ودفّاية. خدوا ميشا وحلّوا عني انتوا وهالأسامي البايخة.