عناد

لا أحتملُ العمر، أعاني من صخب الأيام وضجيج الحياة. لا أطيقُ الانتظار، يقتلني بطء الثواني وطول الساعات. ولا أخشى النهاية، تُتعبني الطريق ولكن يريحني الوصول. 

أُترك أقلامك خلفك واتبعني، رحلتك لن تحتمل التفاصيل بعد الآن. إرمِ مشاعرك بعيدًا وانصفني، ففي معركتي لن أصمد طويلًا. تمسّك فقط بكلماتك واصرخ باسمي كلما شارفتُ على النهوض. 

لا تدعني انهض بل دعني استسلم. ربّما استسلامي يعجّل في وصولي الى النهاية. نهايةٌ رغبتها، اتّبعتها وسأبلغها قبل موعدها. دعني أفرح منتشيًا بلذّة الوصول، دعني أرقص رقصتي الأخيرة واحتفل. 

لا تعاندني. أُترك أقلامك وراءك وامضي، ودعني أستسلم. لا تقلق، ستكتب عني يومًا ما، عندما تستفيق من غفوتك وتُصالحُك الكلمات. لا تجزع، ستعود إليك مشاعرك بعد حزنٍ سيجرف ما تبقّى منك من إرادة. وستشعر أنّك رافقت من أنهى طريقه باستسلام وستتعلّم. ستتعلّم أن الخوف من النهاية هو نهاية بحد ذاته. لا تعاندني واتركني وراءك وامضِ بسلام. 

رائحة الموت

يهزني صمتي العميق ويؤرقني ليلةً بعد ليلة. يحتلني أرقٌ رهيب ويمزقني شيئًا فشيئا. رائحة الموت تفوح من كل صوب. رائحة اليأس، رائحة الخذلان ورائحة الموت. كل أفكاري تنصب نحو الموت. لقد هَزَمنا الموت وأَذلّنا، نال منّا ومن عنفوانٍ نصّبناه تاريخًا لنا يومًا ما. 

روّاد الطرقات هائمون، نائمون يائسون. بعضهم يسبّ ويلعن بقهرٍ وغيظ. وبعضهم يدندن اغنية على مذياع ناقلته متناسيًا واقعه الأليم. والبعض الآخر يقود في صمت ويأس… وأنا. 

أنا أمضي في طريقي مصارعًا أفكاري، خوفي من الموت، خوفي من الحياة وخوفي من الغد. رائحة الموت تعبق في أنفي وأنفي يأبى أن يطيعني.

لم أرَ في حياتي كلها الموت أقرب مما أراه الآن. أحسبه ينتظرني في كل زاوية، بعد كل ركن وعند كل مفترق. حتى الطريق السالكة باتت تخيفني. 

أنا خائف. خائفٌ من كل شيء ومن كل شخص. الاثنان جماد على حدٍ سواء والموت تفوح رائحته من الاثنين. لم يعد لي من مهرب. ولم أعد أريد الهرب. أريد أن أنتهي. أريد أن أختفي. أريد أن أفقد حاسة الشم وأهرب. أريد أن أنسى رائحة الموت وأمضي، علّي اصطدم برائحةٍ جديدة لا تخيفني ولا تؤرقني ولا تبقيني صامتًا كل يوم بانتظار الموت.