أُقلّبُ صفحات أحلامي خوفا من الواقع. أهربُ من نفسي بأحاديثٍ بائسة، مع نفسي.
أعيشُ فراغاً يملأ حياتي، ويزرع بذوره من أعماقي إلى سطحي.
أروي بذور الفراغ بدمعٍ يأبى إلّا أن يكون صعب المنال، صعب الوصول وصعب الرحيل.
أصرخُ ويصرخُ ذاك الحزن الخابتُ في جوفي.
فقدتُ نفسي وأضعتُ ابتساماتي الواهنة.
أضعتُ ابتساماتي، تلك الخيوط الواهنة التي تربطني بما يسمّى فرحاً.
ازداد صمتي قسوة، ازداد ضعفي قوّة، وانهال السواد على ألواني ضرباً مبرحاً ومُمزِّقاً.
لغتي أصبحت كالحجر. تمثالٌ أُحاول نحت معالمه وأفشل.
حتى اعذب النسمات تأتي حزينة. تداعب بأناملها أوراق المساء والليل.
الحزن قاسٍ حقاً، يُصارع عنادي ويتمرّد على سكوني.
لم يتوقّف الكون عن الدوران ولم يصرخ البحر لصراخي.
لم يطرد الليل عتمته عنّي ولا النهار بات أكثر إشراقاً لإبهاجي.
لم تذبل الزهور ولم تتوقف الطّيور.
لم يصمت الجميع احتراماً ولم يأبه لي أحد.
سأغفو على ناصيةِ طريق مهجور.
سأرمي بأوراقي بعيداً، وأحرق خشب أقلامي.
سأهجر هذا الكون، فهو لم يعد يناسبني.
إذ أنّني اليوم عرفت.
عرفتُ ما تجاهلته دوماً.
لستُ محور الكون ولم أكن يوماً.