بين الجفن والعين

بين الجفن والعين ترقد صور باهتة.

بين الجفن والعين تختبئ حياة تبحث عن معناها. 

بين الجفن والعين تتحضر صرخة للانطلاق.

صرخة ستعلو فوق كل الأصوات فتأخذ مداها.

بين الجفن والعين سواد وظلمة يحجبان الذكريات المنسية. 

ثائر

إن لم تعد شهيًا لها فارحل؛ انت لست طبقها المفضّل.

ان لم تعد قويًا لها فارحل؛ انت لست سندها الأفضل.

وإن لم تعد مطيعًا لها فارحل؛ انت لست تسليتها الأجمل.

توارى عن الأنظار فتبحث عنك لاهثة. أدر ظهرك لها وارحل. فهي ضعيفة من دونك، ومن بعدك لا يوجد من يرفعها.

سلطانتك هي وأنت سلطانها. سلطانها عليك وإليك امتدادها. ارحل بقوةٍ وبأس. اغدرها وانتفض عليها، أعلن الثورة والعصيان.

ستحاول غدرك واخضاعك. وانت سترفض، ستثور وتنتفض. إيّاك والتراجع. السلطة ماكرة وأنت أيّها الشعب طيّب، قلبك يلين.

ولكنك ثائر. تذكّر، ثائر، في كل الأماكن ثائر، في كل الظروف ثائر، في وطنك وعلى أرضك ثائر. ارحل من خنوعك وابسط نفسك محاسبًا وثائرًا.

انهض الآن أيها الثائر. موعد القطاف لم يحن بعد.

انهض الآن وانتفض، اعلنها ثورةً جديدة.

ثورة ألهمت الدنيا وأنجبت هذا الوطن.

بين الحب والنعاس

man playing saxophone

لي في صوتك بحَة، تترنّم بها وتطربني.

لي في قلبك طرقة، تنهمر بها علي وتنعشني.

ولي في نبضك ومضة، يطيب لي فيها السكون والزوال.

أزول، أذوب، أندمج واتماهى مع ارتخاء صوتك وتنهّداتك، ثم تقذفني إلى أبعد مدى، لأحلّق في فضائك طيرًا غرّيدًا وطريدةً لملذّاتك. أغرفُ من حياتي البقايا لألقيها أمامك كعصفورةٍ أم وجدت لصغارها طعامًا يزرع في قلبهم حبًّا أكبر من الحُب.

إبحث عنّي في تلك الزوايا، حيث ركنت حياتك وأحذيتك. إخلع مشاعرك عنك وعلّقها مع الثياب وشخصياتك. واستحمَّ بسيلٍ من عاطفةٍ وحُب، ثم ارخِ جسدك المنهك بين ذراعي، لأطيرَ بك فرِحًا، وأزهو بك بين أشعار الحب والقصائد. سأدلّ عليك وأقولُ أنتَ الأجمل.

أنت الأجمل من أبلغ القصائد، أنت الأقرب من أحبّ الكلمات وأنت الأكمل من كل النهايات. أنت البدايات وما قبل المقدِّمات، وأنت المضمون والجوهر في قلبي وفِي هذه الحياة. وما هي الحياة إن لم تبدأ برفّةٍ من جفنيك، وتنهيدةٍ هاربةٍ من شفتيك. ما الحياة إن لم تكن أنت فحواها ومحورها. وما هي الحياة إن لم تنظر إليّ وتقول أنتَ الأجمل.

أنتَ الأجمل وأنا بك أجمل. أنت الأعمق وأنا بك مستقرّ. أنت الأصدقوأنا بك أوضح.

*****

اشتياق

لم يعد لديّ ما يكفي من الكلمات. ضاقت بيّ معاجمي وهربت منّي المرادفات. لم تكن الكلمات تعني لي شيئًا من قبل، ولكنّي في مسارِ حبّك تائه ونفذت منّي العبارات. كيف أعبّرُ لك عن حبّي وحروفي باتت متكررة؟ أضّادي باتت مستهلكة وجُمَلي أمست ناقصة.

سأخترعُ لغةً بين قلبي وقلبك، وصلًا ووصالًا، بين عيني وعينك وبين روحي وروحك. أتذْكرُ حبيّ اليافع في ما مضى؟ أتذْكرُ كم كان صغير العمرِ كبيرَ الشأنِ حينها؟ والآن، بتُ أنا صغيرَ الشأن أمام حبٍ تملّكني وامتدّ عبري ليشمل الكون والعمر معًا. والآن، سأكبرُ في حبّك وأقرعُ طبول الحرب قبل كل قُبلة وبعد كل لقاء. فأنت لي وأنا لك. أنت عطشي وارتوائي معًا، قِدَمي في العمر وحداثتي في الحب معًا. أنت شأني الذي يعلو بعُلوّك وقامتي تصبو إلى الغيم بجوارك. وما جواري إلّا ملاذي ومسكني، مسرح تخيُّلاتي وموطئ دموعي. وما جواري إلّا قلبٌ قدّم الحياة بمعنىً آخر ومسار جديد.

كيف أنبذُ عمرًا تجمّل بلحظاتك؟ كيف أنبذُ حُبًّا بكلماتي الباهتة وأقلامي البالية؟

سأظلُّ أحاول وسأبقى باحثًا عن كل معنى جديد لأضيفه إلى صفاتك وأُصنّفه بحسب ابتساماتك. وسأبقى أنا في ركن قلبك قابعًا في سكون، مترقبًا وحارسًا، عاشقًا وحبيبًا وعمرًا سيمضي بك وبي معًا، كحبيبان يتشاركان قلبًا واحدًا.

كَونْ

منذ الأزل،
ومنذ أن بدأ الغزل،
توسّطت عيناك سماء كلماتي،
وبها، طال العمرُ حتّى الأزل.
صحراءٌ وشمس،
ضوءٌ وقمر،
وعطرٌ ولون،
يسكنان جسدًا يكسوه الأمل.
أملٌ بحجم كون،
توقٌ بحجم قلب،
وعشقٌ يسيلُ على رقبته دماءٌ وعسل.
شلّال الدموع ينهمر،
وعطرُ الكون ينتشر،
كلونِ الزجاج المنكسر،
حيث أرقدُ عند حدّه وأنتظر.
أنتظر،
وفي كلّ ثانيةٍ أنكسر،
والمحاولةُ الثانية تنكسر،
كليلٍ حاول المكوث لينتصر،
ثم فاجأه نهارٌ هادر،
فأسلم عشقه المُنكسر.
جميلةٌ أنت،
كالكون ترتمين في أحضاني،
تحيطين بي وتهمسين،
سأدور بك في فلكٍ بعيد،
مسارك مساري،
ومسارك بأمري
وأمرك رهن صمتي وحدّة صراخي.
صراخ الليل لا يسمعه أحد.
وصراخُك ليلٌ لن ينتظره أحد
وأنا وأنت كون،
فكوني أنتِ أو لا أحد.

نص غير مكتمل – 2 

تعالي واحرسي نومي من أرقي ومن أفكاري الزاخمة بك.
تعالي واصرخي في جوفي اعصارًا يبعثر سكوني إليك.

تعالي واسكبي من عشقي خمر قلبٍ دَنا من الهاوية هيامًا بك.

تهاوي أمامي واكسري من شموخي انحناءات حبً ولوعة.

تضاءلي واصغري واجعلي مني نجم عالمٍ لا مهرب لكِ منه.

ثم تناثري كلام عشقٍ وهوى بين أقلامي ونقاطي. 

نص غير مكتمل – 1

لن أبقي على حبك وأنت أقسى من هجر.
لن أبقي على حبك وفِي قلبك من الحزن ما كثر.

ولن أبقي على حبك وبين عيني والجفن دمعُ القهر.

سأترفّع عن مشاعري الرانية إليكِ وأنبذ عيناي إن سعت إليك وأقتلع قلبي إن دق ورقص لك. 

سأرتقي عنك إلى عزلة، أنا فيها لنفسي. وأنساب مع السكون، تاركًا لوعة زرعتها أنت ورائي. سأبقي عليها، وأنشد لها أقاصيص الحب والاشتياق كل يوم. سأرويها وأرافق سنين عمرها الى حين القطاف. وعند الموعد، سأهديك باقةً منها، لوعةٌ بألوانٍ زاهية. لوعةٌ أنت منشؤها وأنا مقصدها. 

فلتذوقي منها ما لذ وطاب، ولتنعمي بسحرها ما شئت، فاللوعة منك وباتت إليك. 

 شيءٌ إسمه الأمل

اليوم، آنا على موعدٍ مع نفسي. سنخرجُ سوياً ونمرح. سنمرُّ بكل الذكريات، نتوقفُ عند كلِّ واحدةٍ ونتأمّل. كيف كنّا، كيف تفاعلنا وماذا فعلنا بعدها.

اليوم، سأكتشفُ نفسي على حقيقتِها. سنتحادثُ ونتناقش، سنتخاصمُ ونتهادن ومن ثم نعودُ الى بَعضِنا البعض وكأن شيئًا لم يكن.

اليوم، سأخرجُ من نفسي، سأنظرُ إليها من بعيدٍ وانتقدُها. سأرثي أقلامي وأحرق أحرفي وأهجر صفحاتي.

أخاف من نفسي عندما انظر اليها في المرآة. فهي تتغيّر، صفاتها تتبدّل ومزاجها يتعكّر. أخاف أنني يومًا لن أَجِدَ نفسي كما اعرفها.

اعتدتُ السنة اللهبِ واحتلالها لأعماقي. اعتدتُ الحزن وأضعتُ طريق السعادة. أسلمتُ الروح الى أرقٍ يتسلى بي ليلًا وينوب عنه الخمولُ نهارًا.

أرى نفسي بائسًا هائمًا بلا هوادة. أصطنع الحياة وأُزيّف الإرادة. أحملُ في جيبي اوراقًا متنوعة، فيها وصفةٌ للسعادة ، وصفة للإبتسامة ووصفاتٌ لم اجدها بي يوماً.

أرسمُ  تفاصيلَ حياةٍ فرحة على أوراقي وأنسى أبعادها حين احتاجها. على أوراقي أرسمُ  ما يطيب لي ولستُ بحاصدٍ لأي من ملذاتِ رسوماتي.

ملّت منّي رقصتي المجنونة ليلاً، أصابها الضجر من وهني وضعفي. هربت منّي المشاعر، فأنا ما أكرمتُ منها إلّا السواد وأهنتُ ما بقي.

أحتاج إلى أن أتغيّر، أتحوّل وأتبدّل. أصابني الملل وضاق عليَّ حصارُ هذه الحياة. أحتاج إلى الرحيل ولَم يأتِ القطارُ اللعينُ بعد.

وأبقى في حالةِ انتظار. وأشردُ في أحزاني متأملًا. ثم أسردُ على نفسي أقاصيصَ السعادة والحب. ثم أتأفّف وأركلُ ما بقيَ لي من سنينٍ وحياة.

ملّ الحزنُ منّي ورفعت سلاحَها الكلمات. وهنا أخافُ أنا وأرتعد. أنا من دون حزني لن أكون انا. أنا من دون وهني لن أبقى أنا. وأنا من دون ضعفي أخسر هذه الحياة.

وأكتفي بهذا القدر من الكلام، فهناك شيئٌ لم أعتدْ سماعَ إسمه كثيرًا. شيءٌ إسمه الأمل. أضعتُه مثلما أضاعه غيري وحلّ مكانه شيءٌ إسمه الملل.

حالة عشق

أحبك بصمت، وأخفيك بين أسراري.

أعشقك بعمق، وألقاك في أوهامي.

أناديك بوهن، وأنسى فيك كلامي.

أحملُ في طيّاتي حبًّا، طال سكوتي عليه ونكراني. أدفنه في أعمقِ شراييني، ليبقى هو الأصلُ وتجري فروعُه في عروقي.

بين الجفن والعين أراك، وبين قلبي ونبضاته. فأخفيك بين روحي وجسدي ليرتعد بك كياني. وأتعب. أتعبُ منك إلى حدِّ الوهن، فأُحررُك الى السماء والغيم وتنسى أصلَ وجودي.

أطبق عليَّ بجناحيك، ثم قيّد حرّية عهودي. واحرس محيطي بعينيك ودع نيرانك تجتاحني. أغلق عليَّ حدودي، فبدايتها ما لديك ونهايتها موتُ وعودي.

إنهض من طقوسك الخافتة وانثر في دنياي البذور. أَمطر عليَّ كلامًا معسولًا، بعثر وجودي بغضب وانفني إلى عالمٍ فيه من الحبِّ براكينٌ تثور.

إرفع عنّي صفة الإنس، فأنا في حضورك نبض.

واكتب على جبيني إسمك وكن لي عاطفةً وجسد.

وارتفع في مداري شمسًا وبين طيّاتي نورًا ومدد.

أمنية

ليتك إنت كلّ معارفي وليتك أنت كلّ معرفتي.

ليتك أنت محيطي وكلّ ما أدورُ حوله.

ليتك أنت كلّ ما أريد وكلّ ما أهربُ منه وإليه.

ليتك أنت ما أصبو أن أكونه وكلّ ما أتمنى حدوثه.

ليتك في نومي وسادتي، أرخي بهمومي عليها وأذرفُ ما بقي من دمعٍ فوقها. ليتك في صحوتي فنجان قهوة، أرتشفُ المرَّ منه ويطيب لي ما يفورُ من قساوة مرارتها. ليتك ابتسامتي، وصوت ضحكتي العالي، أعلو بك كيفما أريد. ليتك سكوني، أتوحّدُ معك في كينونة تطردُ ضجيج العالم بعيدًا. ليتك مسائي، أهربُ بك من أضواء الغضب وشعاع الكره. ليتك شمسي، تُبدّدُ ظلمة أحزاني وما ساد من عتمة الزوايا في أرجائي.

ليتك لي، وليتني لك. ليتك لي وحدي، أنتصرُ بك على هذه الدنيا وسكّانها. ليتني لك وحدي، تحتلّني وتُغلقُ حدودك عليّ.

ليتنا معاً، نرتقي الى وجودٍ آخر، حيث لا أحد غيرنا، ولا يعكّرُ صفونا إِلَّا نحن، عندما تحين الإثارة.